الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية حسين الديماسي: الصكـــوك الإســلامــيـــة دمّــــــرت تــــونـــــــس..والـديمــقــراطية ليـســت فـــــوضـــى ونـهـــبــــا

نشر في  13 ماي 2015  (11:31)

إنقاذ شركة فسفاط قفصة من باب المعجزات.. ووضعها
 سيؤدي الــى كثـيـر مــن البـــؤس فــي هــذه الــولايـــــــــــات..

 في ظلّ وضع اقتصادي هش للغاية بل و يوصف أحيانا من قبل الخبراء بـ»خطير»، وينذر بحلول كارثة اقتصادية واجتماعية على المستوى الوطني والجهوي خاصة بعد أن أعلنت شركة فسفاط قفصة مؤخرا عدم خلاص حرفائها إضافة إلى توقف المجمع الكيميائي التونسي في قابس عن الإنتاج يوم السبت الماضي، وبعد كل هذه المؤشرات القاتمة، كان لأخبار الجمهورية حوار قيّم وثري مع حسين الديماسي وزير المالية السابق والمستقيل في حكومة حمادي الجبالي والخبير الإقتصادي الذي عرف بحنكته وبعد نظره في هذا المجال، وذلك للحديث معه عن الوضع الاقتصادي وأزمة شركة فسفاط قفصة التي اعتبر أن إنقاذها أصبح في خانة المعجزات.
 كما تطرقنا معه إلى موجة الإضرابات وظاهرة الجهويات، وكذلك موقفه من اتحاد الشغل واستشرافه للمستقبل الاقتصادي للبلاد والعديد من المواضيع الهامة الأخرى التي تتابعونها معنا :

في البداية هل تشعر بأن تونس تحولت إلى قبائل تفكّر كل واحدة منها في مصالحها دون مراعاة للمصلحة الوطنية ؟
ورثنا من الاستعمار الفرنسي مجتمعا تسوده القبلية والعروشية والجهويات, وقد عملت دولة الاستقلال قدر المستطاع على تخليص البلاد من هذا الوباء المهلك عبر عدة سياسات منها بالخصوص نشر التعليم في كل أنحاء الجمهورية فاتحا باب الرقيّ الاجتماعي لكل التونسيين والتونسيات.
 غير أن نعرة الجهويات برزت من جديد في السنوات الأخيرة وخصوصا بعد الانتفاضة المجيدة. وكأحسن دليل على ذلك مطالبة سكان عدة جهات التمتع لوحدهم بالثروات الطبيعية الموجودة بها ( فسفاط - غاز طبيعي-نفط – مياه...)
 والأدهى والأمر أنه بعيد هذه الانتفاضة، برزت آفة أخرى أخذت شكل الإقتطاع على مستوى المؤسسات الاقتصادية العمومية, إذ أصبحت النقابات في هذه المؤسسات تطالب لا فقط بتحسين الأجور وإنما أيضا بجعل هذه المؤسسات حكرا لأبناء العاملين بها من حيث التشغيل. ويعني ذلك أن الديمقراطية الفتية في بلادنا فهمت من طرف كثير من الناس على  أنها رديف للفوضى والنهب.
بماذا تفسر تضخّم نسبة المطلبية الاجتماعية في كل القطاعات والجهات، هل هو دليل على تنامي ثقافة المطلبية دون جدية في العمل والإنتاجية أم هو انعكاس لضعف الدولة وسياساتها؟
الفهم الخاطئ للديمقراطية فتح الباب على مصراعيه للطمع والتواكل والكسل إذ أصبح كثير من الناس يطمح في بذاخة العيش على حساب الغير بالمطالبة بأقصى ما يمكن من الامتيازات وبذل أقل ما يمكن من الجهد. ومما ساهم بقدر كبير في تفشي هذا الوباء خطاب الأحزاب السياسية والنقابات العمالية المبني أساسا على الأوهام والشعبوية والدمغجة.
ويبدو أن هذا الخطاب سيعمر طويلا نظرا لفقدان هذه الأطراف السياسية والنقابية لرؤى تنموية واضحة ومتناسقة.
برأيك ما هي انعكاسات المديونية على مستقبل أجيال تونس؟
مما لا شك فيه أن المديونية سترهق إرهاقا كبيرا أولادنا وأحفادنا خصوصا إذا كانت هذه الديون باهظة الكلفة وموظفة لا للبناء والتشييد وإنما للاستهلاك والتبذير.
لو تفسر لنا لجوء المهدي جمعة إلى اقتراض ما قيمته 1100 مليار من الخارج تحديدا قبل تسليم مهامه؟
لجأت حكومة جمعة لقرض مضن على السوق المالية العالمية بسبب بناء قانون المالية التكميلي لسنة 2014 على موارد اقتراض وهمية لم تتحقق, منها على سبيل المثال»  الصكوك الإسلامية «. ونخشى أن تتكرر هذه العملية المنهكة بسبب الزيادات في أجور ومنح الوظيفة العمومية, وهي نفقات فادحة إضافية لم يقع إدراجها في قانون المالية لسنة 2015.
 انتقدت بشدة الاتحاد العام التونسي للشغل واتهمته بالسعي إلى تخريب البلاد، فماهي دلائلك على ذلك؟
عندما تضخ في الدورة الاقتصادية المتهالكة, أي ضعيفة أو معدومة النمو, أموالا طائلة  في شكل منح وأجور ينتج عن ذلك عدة انعكاسات سيئة للغاية منها بالخصوص تفاقم عجز ميزانية الدولة والانغماس بشدة في التداين واحتداد ظاهرة التضخم وانهيار قيمة الدينار, وهي عوامل خطيرة من ِشانها إرباك الاقتصاد بل تخريبه دون المساهمة في تحسين القدرة الشرائية للأُجراء.
قررت شركة فسفاط قفصة مؤخرا إيقاف نشاطها وعدم خلاص حرفائها، فما هو تعليقك؟
 تمر شركة فسفاط  قفصة بحالة عجز مالي رهيب نتيجة انهيار مواردها وانفجار نفقاتها ( نقص فادح في الإنتاج وهبوط كبير في الأسعار، انتدابات عشوائية مهولة وزيادات مهمة في الأجور وارتفاع في أسعار النقل).
وممّا زاد الطين بلّة في الأسابيع الفارطة انقطاع الإنتاج بالكامل, من ناحية, وتحصل العمال على منحة إنتاج غير موجود, من ناحية أخرى. ولهذه الأسباب فان إنقاذ ما تبقى من هذه المؤسسة أصبح من باب المعجزات.
كيف تحلّل استفحال أزمة الحوض المنجمي والصمت الحكومي في معالجتها؟
 تعرض الحكومة الحالية عن تطبيق القانون كخصم أجور المضربين أو تطبيق نظام التسخير وتحلم بمعالجة هذه القضية بالتفاوض والحوار. والغريب في الأمر أن هذه الحكومة نسيت أو تناست ما حدث في الأربع سنوات الماضية حيث أرهق التفاوض الجميع دون نتيجة ايجابية تذكر.
في صورة إفلاس شركة فسفاط قفصة، ما هي انعكاسات ذلك على اقتصادنا الوطني؟
انعكاسات إفلاس شركة فسفاط  قفصة رهيبة على اقتصادنا حيث ستؤثر سلبيا على نسق نمو هذا الاقتصاد والميزان التجاري وميزانية الدولة, كما سيفرز كثيرا من البؤس والتعاسة في عدة ولايات منها بالخصوص قفصة وقابس وصفاقس.
أتعتبر أن عددا من رجال الأعمال في منظمة الأعراف يتحملون مسؤولية ما نشهده اليوم من أزمة اقتصادية؟
 ظاهريا يبدو أن رجال الأعمال لهم مسؤولية في ما تردت فيه بلادنا من تأزم اقتصادي وذلك بسبب تراجع الاستثمارات بشكل ملحوظ في السنوات الماضية, غير أن هذه الظاهرة ناتجة بالأساس عن ضبابية حكومات ما بعد الانتفاضة من حيث استراتيجيات وبرامج التنمية, من ناحية, والاحتقان الاجتماعي المسترسل, من ناحية أخرى.
هل يمكن تحقيق انتعاشة اقتصادية في ظل تنامي الإرهاب وتزايد الإضرابات؟
 طبعا لا, ذلك أن تعطيل الإنتاج بالاعتصامات والإضرابات والغيابات و»التكركير» مع كثرة المطالب يحبط عزائم المستثمرين ويقتل الاقتصاد.
كلمة توجهها للباجي قائد السبسي؟
 أن يعرض السيد رئيس الجمهورية عن أوهام الحوار ويحث عن تطبيق القانون.
كلمة توجهها للحبيب الصيد؟
أدعو السيد رئيس الحكومة إلى الكف عن الاستجابة لرغبات وشهوات النقابات, من ناحية, وإلى تكريس الجهد لفتح الملفات الأكيدة الحارقة. نأمل أن تكون حكومتك حكومة إنقاذ لا حكومة إغراق.

حاورته: منارة تليجاني